منتدى الأديب ناصر محسب
أهلاً بك زائرنا الكريم تسعدنا زيارتك * ندعوك للتسجيل معنا
منتدى الأديب ناصر محسب
أهلاً بك زائرنا الكريم تسعدنا زيارتك * ندعوك للتسجيل معنا
منتدى الأديب ناصر محسب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى أدبى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رواية الوزغة جزء 2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 03/02/2012

رواية الوزغة جزء 2 Empty
مُساهمةموضوع: رواية الوزغة جزء 2   رواية الوزغة جزء 2 I_icon_minitimeالخميس مارس 01, 2012 9:04 pm

( 3 )
المساءات الحالكة السواد تطبق دوما على البلدة حتى في الليالي القمرية والتي كان من الممكن أن يتراجع عنها الخوف وتنحسر الشياطين كانت الظلمة ما تزال تبسط سيطرتها على الدرب فتصحو العفاريت والأغوال وأبو رجل مسلوخة والقطط التي بدون ذيل والرجل الذي له رجل حمار كلها تخرج لتلهو تحت السقيفة في انتظار القادمين لكنه يمر ولا يعبأ بترصد هذه العفاريت بل كثيرا ما شوهد ليلا يرفع جلبابه الممزق ليتبول تحت السقيفة وهو يغني أو يحادث نفسه . وروى (هاشم عطا الله ) وهو يقسم بالطلاق انه شاهده أكثر من مرة وهو يتبول على قبة الشيخ (خميس ) وإمعانا في تصديق روايته اصطحب ( ابن المر قوم وعلي عيد وسيد الحلاق ) ليشاهدوا جميعا آثار البول على حوائط القبة ولم يكن الأمر يحتاج إلى برهان فالآثار واضحة للعيان وقد نخر البول في حوائط القبة فعلا
_ استغفر الله العظيم
قالها ( علي عيد ) وهو يمصمص بفمه بينما أسرع

( 31 )









( سيد الحلاق ) وجاء بعلبة ماء وقام برشها على الحوائط لإزالة النجاسة وانطلقت شتائم ( المرقوم ) على صاحب الفعلة الشنعاء ( كمال العبيط ) ابن أم كمال واليوم الأسود الذي جاء فيه وأقسم أن ( الشيخ خميس ) سيقنبره (بالبحث وجدنا أن معنى القنبرة الشائع عند أهل الواحات أن يصاب الإنسان الذي يسيء لأولياء الله بما يشبه الشلل ) وفي النهاية التمس ( هاشم عطا الله ) العذر باعتبار
_ ليس على المريض حرج
وكان ( كمال بن أم كمال ) ولم نتمكن من معرفة باقي اسمه فقد عاش وحيدا مع أمه شابا فقدت السنوات طريقها إليه فبقي على حاله سنوات عديدة بنفس الوجه الأبيض والشعر الأسود الداكن والذي كان ناعما وتأثر بالعوامل المناخية والبشرية من إهمال فبدا مجعدا مثل حقل عاقول بينما تناثرت على بعض أجزاء وجهه لحية خفيفة وظلت عيناه لامعتان رغم مرارة السنين .. كانت مسافة ليست بالبعيدة تفصل منزل ( أم كمال ) عن قبة الشيخ (خميس ) ثم يقطع منحدرا متعرجا في درب النجارين حال رحلته اليومية إلى شوارع البلدة ممارسا مهمته اليومية في جمع

(32 )






الورق وهي مهمة اختيارية اعتنقها ( كمال ) ومارسها دون أن يعرضها عليه أحد وبالتالي لم يتقاضى عنها أي أجر بل ظل مستمتعا بها حتى في غير أوقات العمل الرسمية والعطلات والأعياد ومن الغريب أن المجلس البلدي وفي إحدى جلساته وبناء على اقتراح من رئيس المجلس ( البكباشي محمد أمين الجندي ) مأمور البلدة عرض المجلس تعيين عدد اثنين كناس وعر بجي واحد إلا أن هذا الاقتراح قوبل بالرفض من مشايخ البلدة حين عرض أحدهم أن يكون ( كمال )
أحد الكناسين وكانت حجة الرافضين عدم أهلية
( كمال ) واعتبر ( الحاج إمام ) أحد أعيان البلدة وعضو المجلس البلدي أن تعيين ( كمال ) إسراف وتبذير في الميزانية مضيفا أن كمال لم يتقدم بطلب ولم يشكو لأجد وأن ثلاثين قرشا في الشهر سيتم توفيرها وكانت يومية الكناس قرش صاغ في اليوم الواحد لأن ( كمال ) لن ينقطع عن العمل
_ لماذا يقوم ( كمال ) بجمع الورق من الشوارع ؟
ربما كان الأمر ينطوي على قناعة بأن ( كمال )

(33 )








مجنون وبالتالي يصبح التساؤل عن أفعال المجانين
ضرب من الجنون أيضا وربما انشغل الأهالي عن جمع الورق بهذه القدرة العجيبة ( لكمال ) بقراءته للورق قبل أن يضعه بين بطنه والجلباب المهترأ الذي لف حوله حبلا من الليف حتى يمنع تساقط الورق منه والأعجب هي قدرته التي اكتشفها فجأة
( هاشم عطا الله ) نفسه حين كان يجلس أمام داره ممسكا بكتاب أهداه له أحد السائحين وقد كان
( هاشم ) يعمل مرشدا للسائحين القادمين إلى البلدة وكانت لديه معلومات هامة عن آثار وتاريخ الواحة بالإضافة إلى إجادته لأكثر من لغة .. وكان ( هاشم ) يعتاد الجلوس بعد صلاة العصر على مصطبة بجوار منزله ويقوم بفرش فروة من جلد خروف داكنة اللون بعد أن يقوم برش الماء على الأرض ليلطف من حرارة الجو القائظ .. في هذا اليوم أيضا جلس ( هاشم ) ممسكا بالكتاب وبجواره كوب من الشاي وجاء ( كمال ) الذي وقف صامتا قبالته ينظر إليه في البداية لم يعره ( هاشم ) اهتماما وعاد إلى سطور كتابه لكن ( كمال ) ظل ينظر إليه حتى نحى ( هاشم ) الكتاب وأسنده إلى جواره وسأله
_ تشرب شاي ؟

(34 )









أومأ ( كمال ) برأسه مستجيبا فأشار له ( هاشم ) بالجلوس وغادر إلى داخل البيت ليعد له كوبا من الشاي .. كانت المرة الأولى التي يجلس فيها على هذه المصطبة أو تجمعه جلسة مع ( هاشم عطا الله ) الذي عاد ممسكا بكوب الشاي فوجد ( كمال ) يطالع الكتاب واستمر على حاله يقرأ في البداية لم يصدق ( هاشم ) ما يسمعه من مفردات فرنسية صحيحة لكن استمرار قراءته جعلته يقف مستغربا لا يكاد يصدق ما يسمعه مسائلا نفسه
_ من أين لهذا العبيط بهذه القدرة العجيبة على قراءة اللغة الفرنسية ؟
لحظتها أشعل ( هاشم) سيجارة بيد مرتعشة ( لكمال ) الذي أخذ ينفس دخانها الذي استقر ساكنا مكونا سحابة بينهما وكلما فضه ( هاشم ) بحركة من يديه أعقبه ( كمال ) بموجة أخرى من الدخان تستمر فاصلة بين الرجلين وبهدوأ سأله هاشم بالفرنسية
_ من علمك الفرنسية ؟
ضحك ( كمال ) ضحكة ربما الوحيدة التي رويت عنه ثم عادت ملامحه إلى سيرتها الأولى وأجاب

( 35)








الزمن يا عم ( هاشم )
ولم يكمل سيجارته وقد ألقاها أرضا ثم دهسها بقدمه العارية فغاصت في الرمال المبللة بالماء واستسلم لخطواته التي قادته حتى منزل ( أحمد فريح ) وأخذ ينظر إلى جدران المنزل المزركشة والمزينة برسوم عن الحج ثم أمسك بعصا صغيرة يحاول أن يضيف إلى الرسوم الموجودة على الحائط فرسم أذنا لكبش (النبي إبراهيم ) ثم أخذ يرسم دوائر صغيرة حول الحجر الأسود كرؤوس للحجيج ولم يشغله ( أحمد فريح ) صاحب البيت قادما خلف حماره والذي وقف مبتسما
_ بتعمل إيه يا منجوه ؟
أشار له ( كمال ) بكفه علامة التزام الصمت فزادت ابتسامة ( فريح ) ومصمص بشفتيه وملأ كفيه بكارات من البلح فألقى ( كمال ) بما في يده وفرد جلبابه فزاده ( فريح ) من البلح ورفع جلبابه فبانت على ساقيه آثار لبقع بول متناثرة بالرغم من انه كان حريصا على ألا يرتفع جلبابه أكثر حتى لا تظهر أجزاء حساسة من جسده فمال بظهره للأمام ومضى تشيعه نظرات ( فريح ) في عطف


( 36 )








مليح الوجه تميزت عيناه بلونهما الرمادي وكانت نظراته مزيجا من الحدة والوقار












(37)








( 4 )
كانت الشمس تنازع أنفاسها الأخيرة خلف غرود الرمال العالية وكان العطش قد احتل المساحة الأكبر من جوف ( أحمد فريح ) الذي مد ساقيه الطويلتين تحت ( الطبلية ) بينما شهوة اللبن الرايب تداعب شفتيه المتشققتين والمتحجرتين بينما لف رأسه بقماشة شاش بيضاء مبللة بالماء . ولم يكن قد تبقى على انقضاء شهر رمضان سوى أيام قليلة ولعله كان أشق الشهور التي مرت على البلدة قيظا حتى أنه يذكر أن البلح والذي تشتهر به البلدة قد طاب قبل موعده ولم تفلح عيون الماء والجداول الجارية أن تقوم بترطيب أجساد العباد . وقيل أن ( إبراهيم ولي ) بائع الترمس والذي ظل مهاجرا وهو طفل صغير مع والده في بلاد الريف أكثر من عشرين عاما قد كفر في هذا الوقت حسب رواية قريبه ( خليفة الطويل ) وإنه أي ( إبراهيم ولي ) أقسم بجميع الأيمان المغلظة أن هذا الصيام في هذا الجو هو عذاب وموت وجرى إلى ( زيرة ) لفت بالخيش والليف كانت وضعت تحت سنطة ( مناع ) وهي شجرة سنط نسبت إلى ( مناع ) لكثرة جلوسه تحتها وأحيانا كان يغفو تحت ظلالها الكثيفة ويعد ( مناع ) أحد مشاهير البلدة


( 39)









باعتباره وليا من أولياء الله الصالحين وأكثر ما أشتهر عنه إنه كان يأكل فتافيت وبقايا اللحم والدهن من عند الجزارين نيئا من على ( القرمة ) التي يقطع الجزارون عليها اللحم . المهم أن ( إبراهيم ولي ) تناول ( الكوز ) المربوط بحبل في جزع الشجرة وشرب من الزير حتى إرتوى وأعلن إنقضاء شهر رمضان بعد اليوم الثالث الذي لم يكمله وكان الوقت بعد آذان الظهر وفي رواية أخرى إنه أفطر قبل موعد آذان المغرب بلحظات قليلة ( ولا نرى في اختلاف الوقت أمرا يستحق تغليب راي على آخر بل ربما لم تصدق رواية ( خليفة الطويل ) أصلا في مسألة تكفير ( ابراهيم ولي )ذلك أنه بالبحث تبين لنا أن خلافات قديمة نشبت بينهما بسبب الميراث ) وقد أشاع البعض سرا أن الخلاف بينهما تعدى الميراث في حد ذاته .
فقد روي البعض وفي مجالس سرية جدا ( والراوي ) في حل من ذكر المصدر لأسباب قبلية أن
( ابراهيم ولي ) لم يكفرولم يفطر في رمضان وأن ما تواتر نحو وصمه بالكفر من قبل قريبه
( خليفة الطويل ) افتراء سببه أن ( ابراهيم ولي ) كان السبب الحقيقي في موت شقيقة ( خليفة الطويل ) وأن ما 000
( 40 )







شاع في البلدة منذ سنوات في البلدة أن موتها تمثل في وقوع حائط عليها داخل البيت كان محض أكاذيب بل ان موتها كان بفعل فاعل وأن ( خليفة الطويل ) وإخوته قاموا بخنق شقيقتهم وكنت تسمى ( مسعودة ) أو قتلها بعد أنبدت عليها مظاهر الحمل وهي بعد بكر ولا يهم كيف نفذ القتل ولكن رواية ( نفيسة رزق ) التي شاركت في تغسيل القتيلة ( أقصد الميتة ) أن جثتها كانت حسب قولها
صاغ سليم
أي ليس هناك أثر لجروح وهذا ينفي ما آثاره البعض بأنها حرقت وشهادة للحق أن ( نفيسة رزق ) لم تكن تشكك في واقعة القتل أو تقوم بنفيها بل ن كلامها كان يحمل رضاء الله على المرحومة مسعودة أما العلاقة السببية بين موت (مسعودة )
و( ابراهيم ولي ) كما جائتنا وقائعها تتلخص في تردد ( ولي ) على بيت قريبه ( الطويل ) وهي علاقة قد لا يراها البعض حجة ولا سندا المهم أورد البعض من الخبثاء تفاصيلا لواقعة مححدة سنوردها دونما تدخل وهي ( أن ابراهيم ولي تواجد في بيت ( خليفة الطويل ) وهو أمر يبدو أنه تكرر كثيرا وأن
( الطويل ولم يكن متواجدا هو وجميع أولاده الذكور بينما كانت الزوجة ( أم مسعودة ) في حوش المنزل

( 41)











بجوار الفرن تقوم ( بالصنيع ) أي القيام بصنع الخبز وهو ما يؤكد أن الوقت كان قبل آذان الظهر حيث ما تعارف عليه في الواحة في هذا الوقت خاصة بقيام النساء بإعداد الخبز ابتدءا من الصباح الباكر والانتهاء منه غالبا قبل الظهر ويذكر أن
( مسعودة ) كانت في المنزل وحدها تطل من إحدى الطاقات المطلة على الحارة الضيقة وتسحب ( ولي ) بخطوات وصامتة وهو يرقب تضاريس ( مسعودة ) وأردافها الجبلية العالية بينما انحسر جلبابها القصير فبدا فخذاها الأبيضان يثيران رغبة ( ابراهيم ولي ) الذي أمسك بطرف جلبابها من الخلف دونما أن تحس به وكان قد قد رفع ذيل جلبابه وأمسكه بأسنانه ومال بجسده على جسدها الطري وكأنه يشاركها النظر من الطاقة الضيقة وشيئا فشيئا التحم الجسدان حاولت ( مسعودة ) بعدها أن تفض الإشتباك بينهما بعد أن أحست بحرارة الجسد وحين أحست يده تحاول أن تنزل سروالها بعد أن تجولت يده لتعبث بالمناطق والأجزاء الحساسة منها . توسلت إليه كثيرا وأخافته حينا بندائها على والدتها البعيدة وهو يحاول أن يصل إلى ما يريد بالوعود بالزواج منها حتى أحكم قبضته عليها فخارت قواها واستسلمت مرغمة أو راضية .
( 42 )









الرواية قد وجدت قبولا في أوساط الخبثاء لكنها وأدت على الألسنة خشية أوخوف . .
وقد ظل ( أحمد فريح ) رغم انطلاق صوت المؤذن لصلاة المغرب مسندا رأسه على كفيه وكانت زوجته قد ظنته ينتظر أن يفرغ المؤذن من اكمال الآذان فانتظرت مثله وتناولت بلحة وهي ترقبه في قلق لكنه اعتدل ضاما ساقيه الطويلتين وقال بخوف
_ تأخر ( يوسف )
_ الغايب حجته معاه
قالتها الزوجة لكن مساحة القلق إذدادت وحاصرتها فلم تستطع مضغ البلحة التي التي ظلت داخل فمها فتناولت كوب الماء ليساعدها على البلع وقامت مسرعة ألى الباب لترقب وصول ولدها ( يوسف ) الذي كان أصغر إخوته ولم يتعد عمره سبعة عشر عاما مليح الوجه تميزت عيناه بلونهما الرمادي وكانت نظراته مزيجا من الحدة والوقاربالإضافة إلى شعر ناعم تراوح بين الشقرة والسواد بخلاف بشرته البيضاء الناعمة خلافا لجميع إخوته الذي يميل لون بشرتهم إلى السمرة التي هي لون بشرة
( أحمد فريح ) الذي كان يرد جمال ولده إلى إصول عائلة ( فريح )
(43 )








الذي يدعي دائما بأنه تركي الأصل وهو أمر روجه كثيرا مؤكدا بأن جده الأكبر كان تركيا أتى إلى الواحات في زمن سابق وعمل مساعدا ( لمعاون ) الإدارة في جباية الضرائب من أهل الواحات واستقر به المقام وتزوج من أهلها ( ونؤكد أنه بالرجوع إلى مصادر قاطعة وجد أن منصب معاون الإدارة كان معروفا وكان مسئولا فعلا عن الضرائب ولكن لانجزم بما إن كان هناك مساعد لمعاون الإدارة كما أورد
( أحمد فريح ) .
ورواية فريح لم تجد من ينفيها أو يثبتها لاختلاط أنساب البلدة فعلا والتي تراوحت إصولها من بين قبائل في الجزيرة العربية والأتراك والليبيين والمغاربة بالإضافة إلى السكان الأصليين وبعد الذين استوطنوا البلدة من النازحين من صعيد مصر .
وظل ( أحمد فريح ) منتظرا وصول ولده ( يوسف ) حتى حان موعد صلاة التراويح ثم انطلق هائما


(44)









سبعة أيام ثقال يحملن أوجاع أهالي البلدة والتي لم تفرغ سوى الحكايا النيئة فلم تستطع الأفواه أن تخلص منها بالهضم أو اللفظ













( 45)








( 5 )
سبعة أيام ثقال يحملن أوجاع أهالي البلدة والتي لم تفرغ سوى الحكايا النيئة فلم تستطع الأفواه أن تخلص منها بالهضم أو اللفظ . حتى قصاص الأثر
( قاسم عبيدالله ) والذي تحرك في اليوم التالي لاختفاء ( يوسف فريح ) كان كلامه لايثمن ولا يغني من جوع إذ أورد أن ( يوسف ) ربما كان حيا وربما كان ميتا وهو ما دعى ( سليم عزاز ) شيخ البلدة أن يوبخه أمام الناس قائلا .
_ يبدو إنك كبرت وبومت وكان لغز إختفاء ( يوسف أحمد فريح ) قد أشعل نيران الخوف في قلوب الرجال قبل النساء في البلدة وربما كانت هذه الحادثة هي الثانية في تاريخ البلدة إذ أنه يذكر أن حادثة شهيرة قد أوقعت الرعب بين الأهالي حين وجدت جثة إمرأة من نساء البلدة مقتولة ووضعت ممزقة الأشلاء بجوار أحدى الأشجار وتم معرفة القاتل والذي عرف باسم ( محمد كابه ) وقد حكم عليه بالإعدام وكان الغرض من القتل هو الأستيلاء على ما تحمله المرأة من ذهب وكان ( كابه ) قد أشتهر عنه القيام بأعمال السحر وكانت القتيلة تلجأ إليه .

(47 )









أما ( أحمد فريح ) فلم يكن بينه وبين أي من أهالي البلدة أية خلافات باستثناء ما ذكر عن خلافات دبت بينه وبين شقيقه الخفير النظامي على نخلة واحدة بسبب الميراث برغم أن جميع من شاركوا في توزيع قسمة الميراث بينهما قد أكدوا أن ( أحمد فريح ) كان متساهلا مع شقيقه ولم يبخل عليه بالرغم من شقاء الشقيق الأكبر هو وأولاده في غرس النخيل والعناية به أكثر من خمسة وعشرين عاما في حين كان شقيقه مسافرا في وادي النيل لم يعرف عنه أي شيء حتى ظن البعض أنه لن يعود ثانية إلى البلدة وحين جاء منذ سنوات قليلة لم يكن ( ولد غيطان ) أي ليست لديه الخبرة ولا الأهمية للعمل في الزراعة فانتسب إلى العمل الحكومي كخفير نظامي . في حين أوثق ( أحمد فريح ) طموحه بين عمله كحداد في كوره الواقع في نهاية الدرب وبين بقرة يقوم بحلبها ليشرب الجميع من لبنها الرايب المخيض الذي تستخلص منه الزوجة القليل من السمن بعد خضه في قربة صغيرة علقت على الحائط تقوم بدفعها آلاف المرات . وبالرغم من الخلاف بين الأخين إلا أن الشقيق الأكبر نفى ماذهب البعض إليه من توجيه أصابع الإتهام إلى الشقيق الأصغر .

( 48 )








أما ( يامنة رزة ) وهي إمرأة كما يطلق عليها
( مخاوية) للجن وكثيرا ما قامت بحل ألغاز قالت كلاما غريبا وإن صدقه البعض أن ( يوسف ) لم يقتل إنما أختطف من قبل جنية أرضية هامت به عشقا وقامت بسحبه تحت الأرض ليتزوج بها وانه سيعود يوما ما حين تموت زوجته الجنية أو ربما حين يتولى مملكة الجن ملك عادل يومها قد يستطيع أن يعرض
( يوسف ) عليه اغتصاب بكورته بالقوة فيحكم له بأن يعود إلى أهله اللهم إلا إذا كان ( يوسف ) راضيا بحياته الجديدة . وقصت ( يامنة رزة ) قصة عن رجل كان متزوجا من امرأة جميلة جدا وكان يشاركهما البيت ( قط ) وكان ( القط ) دائم النظر إلى الزوجة ولا ينام إلا على فخذيها حتى جاء يوم دخل الزوج على زوجته وكانت تقوم بالاستحمام عارية وكان القط يتابعها باهتمام كبير فقال الزوج ( للقط )
_ إن كانت عجباك .. إتفضل
فإذا بالزوجة تختفي هي والقط جن جنون الرجل والذي ظل طوال سنوات يسأل عن زوجته حتى عرف أن ( القط ) لم يكن قطا إنما هو جني كان هائما بالزوجة حتى سمح له الزوج وقال له

( 49 )









أتفضل
المهم وحسب رواية ( يامنة رزة ) وبعد شكوى الزوج إلى ملك الجن الذي كان عادلا فخير الزوجة التي طلبت العودة إلى زوجها .
( لم تذكر السيدة يامنة رزة كيف ولا أين إلتقى الزوج بملك الجن )
وهنا تواترت في أذهان أهالي البلدة حكاية ( بنات الملقة ) وهي حكاية وإن لم يعاصرها إلا القليل من عجائز الواحة إلا أن تفاصيلها ظلت حاضرة في أذهان الجميع وتروى تفاصيل الرواية أنه كان يعيش بالبلدة شابا تقيا ورعا حافظا لكتاب الله إسمه ( حسام الدين ) ( وقد فشلت متاعي الراوي في معرفة نسبه ) وقد عاش وحيدا كما تذكر الرواية وقد كان دائم قراءة القرأن في بيته وفي إحدى الليالي وبينما هو يقرأ بصوت جميل فوجىء بفتاة جميلة واقفة أمامه عارية تماما لم يفتن الرجل بعد النظرة الأولى وأخذ يستغفر ربه كثيرا حتى حاصره سلطان النوم وقد تكررت الحادثة كثيرا بأشكال وأوضاع مختلفة وفي ليلة سألته

( 50 )






_لماذا لم تفتن ؟
لكنه لم يجب وظل على حاله في قراءة القرأن فاختفت سريعا وعادت إليه مرتدية ملابسا محتشمة ولم يبدو منها إلا وجهها الجميل جدا وجلست في هدوء تتطلع إليه منصتة لصوته الجميل في قراءة القرأن وأخذت الدموع تنهمر من عينيها حتى بللت ملابسها ثم أخذ صوتها يجهش بالبكاء فاعتدل
( حسام الدين ) وسألها
_ من أنت ؟
فقصت عليه قصتها بأنها جنية وفتنت به وتتمنى الزواج منه فابتسم ( حسام الدين ) .
( إختلفت الروايات في هذه الواقعة تحديدا لقال البعض أن الشيخ لم يبتسم وقال آخرون إنها بمجرد أن أخبرته أنها جنية أخذ الشيخ يقرأ عليها آيات من القرآن وبعض التعاويذ لحرقها فاستغاثت به مرات عديدة حتى يطلق سراحها ووعدته أنها ستدخل في الإسلام . )
وبعيدا عن التفاصيل الصغيرة التي من شأنها أن
تدخلنا في الإنقسامات .
فقد تزوج ( حسام الدين من الجنية وهو مالم يختلف عليه أي من الرواة وقد أنجبا ( بنات الملقة ) إلا أن الخلاف ظل إلى الآن مشتعلا حول عدد (بنات الملقة )

( 51 )








( نفيسة رزق ) ظلت تؤكد إن عددهن ست بنات وكانت حجتها في ذلك أن الله خلق الكون في ستة أيام
لكن شيخ المسجد ( سيد عاشور ) قال إن عددهن سبع بنات ودلل على صدق روايته بأن الله خلق السماء من سبع وكذلك الأرض وأفاض في العلاقة بين بنات الملقة والعدد ( سبعة ) وهو تفسير أقنع الكثيرين برغم عدم فهمهم له .
بينما كان اصرار ( يامنة رزة ) المخبرة إنهن ثلاث بنات ولا يزدن ولا ينقصن حسب قولها وهي الوحيدة التي لم تذكر سببا تفسيريا لرأيها .
الرواية لم تنتهي إلى هذا الحد فهناك أحداث عديدة تروى عن بنات الملقة لعلها لا تهم إنما تؤكد القصة أن اختفاء
( يوسف فريح ) واختطاف الجنية له أمر أجازه بعض الأهالي وصدقوه ولم يستطع بعض الرافضين أن يعلنوا رأيهم .
ورويدا رويدا تثاقلت خطى الناس واحتجبت وجوههم عن بيت ( أحمد فريح ) الذي حمل مصيبته مع زوجته وأولاده بينما تقاسم باقي أفراد العائلة ماتبقى من أحزان وانصرف أهالي البلدة كل إلى حاله .

( 52 )







( 6 )
طرقات ثقيلة في آخر اليل تقريبا على باب ( نفيسة رزق ) التي تسكن وحيدة ولا يشاركها البيت أحد باستثناء ( قطة سوداء ) داكنة كالليل المظلم تؤنس وحدتها وتقاسمها الطعام القليل وكانت ( القطة ) قد جاءتها في إحدى ليالي الشتاء المتشابهة وقفت على سلم البيت وأخذت كل منهما تنظر إلى الأخرى حتى سمحت لها ( نفيسة ) بالدخول بأن أشارت لها بالإقتراب وقدمت لها القليل من اللبن الرايب وجلست أمامها تحادثها ( والقطة ) ترفع رأسها بين الحين والآخر عن صحن اللبن ثم عقدت معها اتفاقا على ألا تؤذي احداهما الأخرى .
وكانت ( نفيسة رزق على يقين أن ( القطة ) ليست قطة إنما ربما كانت ملاكا أو جنية وأوردت للناس قصصا عن صديقتها ( القطة ) أهمها أن القطة تقرأ القرأن طوال الليل خاصة في ليالي الشتاء حين يجمعهما الحرام الصوفي الذي أزاحته ( نفيسة ) وهبت واقفة بعد أن سمعت دقات الباب وتناولت اللمبة العويل فتراقص خيالها وهي تردد
_ خير إن شاء الله
وجاءها الصوت قبل أن ترفع مزلاج الباب .

( 53 )








إفتحي يا أم خزام
لم تخطئ ( نفيسة رزق ) صوت الطارق لكن الدهشة استباحت قلبها المستكين منذ أكثر من خمسين حولا . كان القادم هو ( سليم عزاز ) شيخ البلدة ولم يكن الوقت مناسبا لتفتح ( نفيسة ) خزائن ذكرياتها المحزنة مع عائلة ( عزاز ) عقب مقتل خطيبها
( خلف عزاز ) في ما عرف ( بغزوة السنوسيين ) .
خرجت تنهيدة ضئيلة من صدر ( نفيسة ) تلاشت في ظلام اليل الداكن ربما أحستها قطتها التي تمسحت بأقدامها وهي تفتح الباب حاول ( سليم عزاز ) جاهدا أن يتحاشى وجه ( نفيسة ) وفي وداعة واستكانة قال كلمات قليلة
_ البنت فيها الوجع يا ( نفيسة )
ولم تكن ( نفيسة ) في حاجة إلى طرح أية أسئلة . في من هي صاحبة المخاض فهي على دراية كاملة بنساء البلدة ورجالها وأطفالها أيضا فهي ( القابلة والمغسلة والضامرة ) وهي التي تحمل الكثير من الحلول التي حملتها معها منذ سنوات بعيدة للعديد من المشكلات اليومية للبلدة .


(54 (









لم تتردد ( نفيسة ) التي عادت مسرعة إلى داخل بيتها فتناولت جلبابها الأسود الوحيد والذي كان يسمى ( التوب ) والذي كان معلقا على وتد استقر على حائط القاعة ومضت بعد أن ودعت قطتها ليجمعها الصمت طوال الطريق ويتقاسمان الذكريات كل في رأسه فبينما كان شبح ( نفيسة رزق ) يطارد عائلة ( عزاز ) حتى من لم يعرف وقائع قصتها ها هو كبيرهم ( سليم عزاز ) يدق باب بيتها في وسط ليل أبكم مخلفا أوجاع عائلة متحديا كبرياء جريح ألقى به أمام عتبة بيت ( نفيسة رزق ) لكنه الخوف هو الذي ساقه ذليلا ليطرق بابها . فلم تكن
( نفيسة ) هي الداية أو القابلة الوحيدة في البلدة ولم تكن إبنته الوحيدة في أول حمل لها بل سبق لها أن أنجبت أربع بنات على يد داية أخرى هي
( يامنة رزة ) المخبرة أيضا وكنا نرى ذكرها غير ضروري في سياق الأحداث ولكن لارتباطها بوقائع أخرى اثر هذه الواقعة وهو ماجعل إلب سكان الواحة تحجم عن دعوتها في الولادة فيما بعد على اعتبار أن كل من تقوم بتوليدهن ينجبن بنات وهي دعوة ساهمت فيها زوجة ( سليم عزاز ) التي أقسمت بألا تدخل
( يامنة رزة ) بيتها إذا جاء المخاض لابنتها متحجج
( 55 )









أنها امرأة تكلم الجن والعفاريت وحسب تعبيرها
_ يامن المخاوية
أي تصاحب قرين من عالم الجن بعض الخبثاء أوردوا أن ( يامنة رزة تستحم باللبن وأنها تضاجع العفاريت وهو رأي تواتر ولم تفلح جهود الراوي في معرفة مصدره أو التحقق من صدقه ) وكانت ( نفيسة رزق ) على دراية بما دار من أحداث في بيت سليم عزاز ورغم ذلك لم يكن يجول في خاطرها أن يدق ( سليم عزاز ) باب بيتها بنفسه وهو نفسه أيضا الذي حين وصلا إلى باب بيته رحب بها طالبا منها الدخول لتكمل زوجته باقي مراسم الاستقبال بينما جلس هو في المندرة يركبه القلق وينفث دخان ( الجوزة ) الذي ظل يتلاشى في الهواء وتتلاشى معه ذكريات الماضي ولا يفكر إلا في ( نفيسة رزق ) وفي القادم من الغيب هذا الجنين الذي لم يولد بعد والذي ساقه منكسرا إلى بيتها فهو الوحيد ( المولود ) الذي بإمكانه أن يرغم أهله جميعا على قبول ( نفيسة رزق ) بالرغم من أنها إكتسبت لقب ( الوزغة ) ولم يعد باستطاعة أهالي البلدة أن يتخلوا عنه . حتى وبالرغم من كسرها لحصار خصامهم لها ولكن إحتياجهم لها أجبرهم على طرق بابها وأسقطوا بأنفسهم ما سبق


( 56 )









وأن روجوه عنها بأن ..
( وجهها يقطع الخميرةمن الماجور )
_ ولد إن شاء الله
قالتها ( نفيسة ) بعد أن وضعت كفها على بطن إبنة ( سليم عزاز ) فحلقت إبتسامة على الشفاة الصامة لتقسم ( زوجة سليم ) بأن تهدي ( لنفيسة ) ثوبا جديدا لم يلبسه أحد من قبلها . التي لم تكترث لهبة ربة البيت وقامت وخلعت جلبابه الأسود العتيق فتناولته إحدى النساء وظلت بجلباب باهت تراجعت ألوانه وبدا قصيرا نسبيا وشمرت عن ساعديها وطلبت بعض الماء الدافئ واغتسلت وهي تقرأ بعض الآيات القرآنية والأدعية ثم توجهت لتصلي ركعتين بينما ظل السكون يلف أرجاء البيت إلا من صوت كركرة ( الجورة ) في المندرة بينما تكور إلى جانب الباب ( شعبان مصطفى ) الخفير الخصوصي وكلما خبت نار ( الجوزة ) قام من مكانه لرص حجر معسل جديد كان الوقت ثقيلا وأده الخوف والانتظار وأجتاحته ظلمة الليل الداكن إلا من مكابرة لمبة الجاز المعلقة على إحدى الحوائط وهي تصارع للبقاء على جثة الليل المطبق وكلما خبت قام الخفير ليرفع شريطها السابح في بقايا الجاز . حتى تعالت صرخات إبنته فقفز من مكانه مسرعا وتوقف قلقا خارج حجرة الولادة وما هي إلا لحظات قليلة حتى تعالت بعدها زغاريد زوجته فأدرك أن إبنته قد أنجبت ولدا فاستباحته فرحة غائبة منذ سنوات وفرت إبتسامة لتستقر على وجهه
( 57 )







أخذت ( نفيسة ) تتفحص التـوب وابتسامة ضالة وجدت طريقها على وجهها المجعد والمجهد بأحزان قديمة










(59)








( 7 )
كل شيئ كان مبتسما مرحا في بيت ( سليم عزاز ) حتى صوت كركرة ( الجوزة ) ودخانها الذي كان يحلق في الغرفة فرحا مع نسمات الصباح الأولى القادمة عبر نافذة المندرة بينما جلس
( شعبان مصطفى ) الخفير الخصوصي له مادا ساقيه مسندا جسده للحائط مستسلما لغفوة حاصرته لم تطل كثيرا إذ فاجأته زغدة من عصا شيخ البلدة فانتفض وهو يستمع لصوته
_ قوم يا مقصوف الرقبة
وبرغم أن الجملة ذاتها كان يرددها ( سليم عزاز ) مرارا وتكرارا ( لشعبان مصطفى ) حتى خيل للخفير أن اسمه أصبح ( مقصوف الرقبة ) ولكن هذه المرة كانت الجملة رقيقة وناعمة فتح لها الخفير فمه مبتسما وأخرج له ( شيخ البلدة ) ورقة مالية من فئة الجنيه وناوله إياها فوقف ( الخفير ) تتنازعه الهواجس ماذا يفعل ؟
هل يشتري شيئا سيطلبه ( شيخ البلدة ) ؟
وانتظر واقفا حتى أشار له بيده قائلا .



( 61 )








_ روح لعيالك يا شعبان
إنطلق شعبان خارجا وهو يدعو لشيخ البلدة ولأولاده مدركا أن إبنة شيخ البلدة قد أنجبت المراد . وخرج حاملا بندقيته مقبضا بكفه على الجنيه تحلق في رأسه الأمنيات .. وبعده بقليل خرجت
( نفيسة رزق)من منزل ( سليم عزاز ) محققة إنتصارا في معركة حسمها القدر ولم تملك من أسلحتها إلا الدعاء .. وربما كانت هذه المعركة مماثلة لمعركة ( خلف عزاز ) خطيبها الذي قتل في رحلته الشهيرة إلى واحة الداخلة والتي تحملت فيها ( نفيسة ) نتائجها وآثارها المدمرة وحدها .. مضت
( نفيسة رزق )من بيت ( سليم عزاز ) مثلما جاءت بجلبابها ( التوب الأسود ) المطرز ببعض الحي المعدنية وقليل من العملات المعدنية القديمةوالمتراصة على الصدر كما زين الـتوب ببعض الزخارف بخيوط حمراء وصفراء تشابكت في مثلثات صغيرة متداخلة بينما تدلى من على رأسها سال أسود قطيفة إنطفأ لونه قليلا من تأثير عوامل الماء أوالشمس. كانت نفيسة سعيدة بالمولود الذي كسر جدارا من السنوات الطويلة التي كانت فيها
( وزغة ) قوطعت هي وعائلتها من أهالي الواحة وعلى رأسهم عائلة ( عزاز )ومن بايعونهم خوفا أو

( 62 )







طمعا ولكنها ظلت صامتة صامدةولم تعبأ عقب رحيل والدها ( رزق سليم بكر ) ثم أعقبته بعدحوالي عام واحد والدتها . ويذكر أن أهالي البلدة في هاتين الواقعتين تحديدا وبغم المقاطعة أن قاموا جميعا باتمام جميع مراسم الجنازة من التغيسل و التكفين و حفر القبرحتى أن ( نفيسة ) نفسها لم تعرف من دفع ثمن الكفن ومستلزمات التغسيل من صابونة ممن تعرف ( بصابون أبو ريحة ) أو زجاجة العطر ومصاريف الجنازة وحاولت ( نفيسة ) جاهدة بعد الجنازة أن تستدرج ( الخواجة صدقي إسكندر ) صاحب دكان الأقمشة في معرفة من دفع ثمن الكفن لكنها لم تفلح في إقراره حتى إنها كما ذكر ( الخواجة ) إنتابتها نوبة بكاء راجية أن تدفع ثمن الكفن حتى يرتاح والدها في تربته ولكنه لم يصرح لها بناء على تعليمات مشددة بل إنه أحيانا كان يخبر البعض أن الكفن ليس من دكانه ( وهي كذبة سخيفة لأانه بالبحث تأكدنا من عدم وجود من يتاجر في الأقمشة وخاصة قماش الأكفان وهو قماش الدبلان سواه وقد كان في السابق يوجد محل للأقمشة إفتتحه
( المرقوم الكبير ) وهو جد ( أحمد المقوم ) الذي أعطى ( لرزق سليم بكر ) المنزل الذي سكنه والذي سكنته ( نفيسة ) إبنته ولمن الدكان أغلق بعد فترة قصيرة وتشائم أبناء ( المرقوم ) إذ أن أول متر من قماش الدبلان خرج من الدكان كان كفن صاحبه
( وبالرغم مما أسر به أحد مصادرنا من أن
( عائلة عزاز ) هي التي

( 63 )









تكفلت بجميع المصاريف للكفن والجنازة وهو رأي لم نر له سندا قويا من الواقع بل أن الشكوك أحاطت بالمصدر نفسه لعلاقة نسب تربطه بعائلة عزاز وهو ماجعلنا نضع رأيه في مجمل الأحاديث الموضوعة )
وعند اقتراب ( نفيسة رزق ) من باب بيتها وحين همت بوضع مفتاحها الخشبي في الضبة حتى تفتح الباب حتى إقتربت منها خطوات سريعة إستسلمت
( نفيسة ) لفضولها واعتدلت تجاه صاحب الخطوات ز كانت صبية لم تتجاوز العشرة أعوام وقفت مجاورة ( لنفيسة ) التي التي قامت بمساعدتها في إنزال مقطف كانت الصبية قد حملته على رأسها واستدارت الصبية قبل أن تكمل ( نفيسة ) فتح باب البيت وهي تردد
_ يعطيهم الخير والعدل
لم يكن الأمر يحتاج إلى السئوال عن صاحبة المقطف حتى أن ( نفيسة رزق ) لم تسأل الصبية وبعد أن دخلت إلى بيتها وفي هدوأ جلست بجوار قطتها بعد أن خلعت ( توبها ) الأسود وأزاحت طرحتها التهالكة وكشفت عن المقطف غطاءا أسودا لم يكن إلا ( توبا ) أسودا جميلا مطرزا ببعض الحلي والعملات المعدنية الصغيرة وقد طرزت أجزاء من الأكمام وطرز أيضا حول الرقبة بخيوط ملونة في أشكال دقيقة أخذت ( نفيسة ) تتفحص التـوب وابتسامة ضالة وجدت طريقها على وجهها المجعد

( 64 )









والمجهد بأحزان قديمة . ثم بدأت في فحص باقي محتويات المقطف وأخذت تقلب وتفرغ عدد من أرغفة الخبز الطري ورصها في ماجور من الفخار وقطعت جزء من أحد الأرغفة وناولته إلى قطتها التي أخذت تلتهمه في شهية قالت ( نفيسة تحادث القطة
_ عيش قمح
وكانت ( نفيسة ) وأغلب نساء الواحة يصنعون خبزهم من طحين ( الشعير والذرة ) ُم أخرجت من المقطف إناءا ملأ بالسمن البلدي وعندما قامت بفتحه تركت القطة مابقي من قطعة الخبز وأخذت في إصدار صوتها راجية صاحبتها تذوقه ولكن
( نفيسة ) حركت أحد أصابعها داخل الإناء وقامت بلعقه مرتين وعندما ذاد مواء القطة تناولت باقي قطعة الخبز التي تركتها لقطتها وأخذت في مسح قطعة الخبز بمابقي من آثار السمن المختلط بلعابها على إصبعها .. فانقضت القطة عليها . ولم تكن
( نفيسة ) قد تذوقت السمن البلدي منذ أعوام ىعديدة آخرها تتذكره في بيت ( المرقوم ) حين أنجب من زوجته الثانية ولدا وقد أعدت إحدى النساء يومها مشروبا ساخنا أضضافت له السمن البلدي .. بينما ظل اعتماد ( نفيسة ) على الدهن الذي تجلبه من الجزارين والذي

( 65 )







تقوم بوضعه على النار ثم تقوم بصبه في
( محلب ) صغير من الفخار لتستخدمه بعد ذلك في أغراض الطبخ .. أخذت نفيسة المحلب وقامت بوضعه في طاقة حفرت في إحدى حوائط حجرتها بعد أن أحكمت الغطاء حتى يصبح بعيد المنال عن القطة أو أي حشرات تطمع في كنزها الذي أهدته لها زوجة ( سليم عزاز ) .. تطلعت القطة كثيرا إلى محلب السمن وأخذت تحاول القفز في غيبة صاحبتها لكنها بالطبع لم تنجح فتراجعت منكسرة واستكانت بالقرب من قدمي صاحبتها التي حاصرها النعاس فغفت ..







(66)








( 8 )
في صبيحة أحد الأيام المتشابهة خرجت
( يامنة رزة ) المخبرة والتي كف بصرها فجأة
( وتبعا لأقوال بعض الرواة أن السبب الحقيقي لفقدانها البصر يرجع لإحدى جلسات تحضير الجن التي تمارسها في أعمال السحر ولمنها فشلت في صرف الجن بعد تحضيره فما كان من الجن إلا أن قام بضربها على رأسها فأحست بصداع شديد استمر معها لمدة ثلاثة أيام كان نتيجته أن فقدت بصرها وهو سبب ربما كان وجيها يتلائم مع طبيعة عملها والذي لم يختلف عليه أحد من كونها مخبرة وهو اصطلاح شاع وانتشر لكل من تعاملن بالسحر ويلجأ إليهن أكابر القوم قبل البسطاء ليقمن بفتح المندل وإن ذاد البعض في رسم صورة ( ليانة رزة ) بأنها كانت متزوجة من أحد الجان وإنها تستحم باللبن ) .. وقصت في هذا اليوم عن
( يوسف أحمد فريح ) الغائب عن البلدة حي وموجود وتحدثت إنه جاءها في البيت وقام بالسلام عليها وملأ لها ( الزيرة والمطر ) ٌبل آذان الفجر ..
وهنا بدأ يتدفق أهالي البلدة على بيت
( يامنة رزة )

(67)







يسألون ويستفسرون عن عودة ( يوسف) لكن
( أحمد فريح ) لم يبد أي حماسة مطلقا ولم تجره خيوط الأمل الواهية إلى سؤال ( يامنة رزة ) بل كان متيقنا أن عودة ولده باتت شبه مستحيلة فاستسلم لحزنه وقبع في بيته ولم تفلح محاولات الأهل والأحباب في إختراق حصون صمته وذكرياته الراكدة .. لكن مفاجأة أخرى فجرها أحد أهالي البلدة من الفلاحين حين أعلن هو الآخر وفي ذات الوقت تقريبا الذي أعلنت فيه ( يامنة رزة ) قصة عودة ( يوسف فريح ) , إذ أن عم ( محمود الزنقور ) وهو فلاح جاوز الستين من العمر لم يشهد له إلا بالصدق وهو في ذات الوقت ( إبن خالة شعبان مصطفى ) الخفير الخصوصي لشيخ البلدة ( سليم عزاز ) فقد حكى عم ( الزنقور ) لبعض من أهل بيته إنه وبعد أن أتم صلاة العصر في الغيط أسند ظهره إلى جذع شجرة سنط بجوار الجدول وفرد ساقيه وأقسم عم ( محمود الزنقور ) إن كل كلامه صدق وإنه مر عليه ( يوسف أحمد فريح ) بشحمه ودمه وسلم عليه قائلا
_ سلام عليكم يا أبويا محمود
ولم يجب في حينها ( الزنقور ) تبعا لروايته . وأكمل .. إنه رفع رأسه مستغربا وهو يتابع خطوات
(يوسف تبتعد وأخذ ينادي عليه بعدها لكن ( يوسف ) لم يرد
ولاشك أن رواية أضفت كثيرا من المصداقية لقصة
( 68 )








( يامنة رزة ) .. الغريب في الأمر أن أحد الفلاحين كان قد سمع نداء عم ( محمود زنقور ) على ( يوسف ) فقابله بعدها بمدة ليست قصيرة وسأله الفلاح عن من ينادي عم ( محمود ) فأخبره ( الزنقور ) بالقصة وطلب منه أن يجري مسرعا ليلحق ( بيوسف ) لكن الفلاح لم يبد أي اهتمام وتصور أن ( عم محمود الزنقور ) يخرف أو تهيأ له أو إن ماشاهده هو مجرد حلم
_(والرجل كبر في السن )
على حد قول الفلاح ..
وفي اليوم التالي خرج أكثر من عشرين شخصا من أهل البلدة يبحثون عن أي أثر لرحلة ( يوسف فريح ) الغامصة وعاد الجميع بعد رحلة شاقة في الغرود والجبال المحيطة بالواحة ينعون حظهم البائس ..في الوقت ذاته تقريبا كانت بعض نساء عائلة ( فريح ) يبحثن على يوسف بطريقتهن الخاصة فاتجهن إلى بيت ( نفيسة رزق ) لكي تقوم ( بالضمر ) لهن ..( والضمر عقيدة واحاتية ترسخت في قلوب أهلها برعت فيها النسوة دون الرجال أو ربما لم يمارسها


( 69 )









الرجال حيث لم يثبت لدينا مايؤكد اشتغال الرجال بهذا العمل ( الضمر ) وكانت ( نفيسة رزق ) قد مارست هذا العمل وبرعت فيه وكان لها روادها .. ولم تعتبر ( نفيسة ) ( الضمر ) مخالفا للدين بل كانت دائما ما تؤكد على عدائها ( ليامنة رزة ) التي تمارس أعمال السحر ولكن وبعدما فقدت بصرها لم يكن بمقدورها الإستمرار في أعمال الضمر وإن استمرت في بعض الأعمال الأخرى.. وكانت ( نفيسة ) لا تعتبر الضمر مخالفا للدين مثلها مثل الكثير من أهالي الواحة .... وفي بيت ( نفيسة رزق ) استقرت نساء عائلة
( فريح ) وكان القصد واضحا من الزيارة وأدركت نفيسة مغزى حضورهن واستقرت ذكرياتها حين كان ( يوسف ) طفلا وكان قد تخطى عامه الأول بوجهه الجميل وهو يحبو تحت سقيفة درب البحور غير قادر على المشي مثل أقرانه وكانت أمه تمسك به كلما ابتعد عنها وتسأل ( نفيسة رزق ) عن أسباب تأخره عن أقرانه ولم تفصح ( زوجة أحمد فريح ) بما قامت به ( يامنة رزة ) من إيقاد ( ليفة ) لمدة ثلاثة جمع متتالية وهو إعتقاد شعبي يتمثل عند تأخر الأطفال في المشي وتأخرهم عن أقرانهم فيتم إيقاد النار في ليفة تحضر من نخيل مورث ( أي نخيل تم توارثه من


( 70 )








من جيل إلى جيل ولا يصح أن تكون الليفة من نخيل غرث حديثا ويسمى نخل شباب ولا تسأل لماذا ؟ ) .. ويخطو الطفل بمساعدة امرأة ( قاطعة خلف ) أي انقطعت عنها العادة الشهرية فوق النار لحظة آذان ظهر الجمعة ولم تفلح ماقامت به ( يامنة رزة ) ولم تحقق أي تقدم يجعل الطفل الصغير يلحق بأقرانه راجعت ( نفيسة ) صورة ( يوسف ) صغيرا وهي تحمله موثق القدمين محملا ببعض الحبوب ( كالحمص والفول والترمس ) في جيب جلبابه بالإضافة إلى قطعة من النقود المعدنية . وبالرغم من ماتكنه لأحمد فريح من عداوة إلا إنها وقفت ( نفيسة ) خارج باب الجامع في إنتظار أول من يخرج من ظهر الجمعة ليقوم بفك وثاق الطفل ( كان الإعتقاد أن أول من يخرج من ظهر الجمعة هو سيدنا الخضر عليه السلام ) أكدت ( نفيسة رزق ) فيما بعد أن الطفل ( يوسف فريح )لم يمض على فك وثاقه أكثر من جمعة واحدة وبدأ المشي .
تنهدت ( نفيسة رزق ) وهي جالسة والنسوة من حولها يحيطون بها من كل جانب بينما أمسكت هي بمجموعة من ( الفصى ) نوى البلح وأخذت تقلبهم في كفها وبدأت في طقوسها


( 71 )







( يافصى يا ابن الفصى حلفتك بالمصطفى
بحق من حلاك وجلاك ونزل الحلى جواك
إن كان خير تقوم النصره
وان كان شر تقوم الشوشه )
ثم وقبل أن تلقي بالفصى على الأرض رفعتهم وهي تطبق كفها عليهم وقربتهم من فمها وأخذت تردد
روح يا فال تعاله يا فال
فال السعاده وفال الاقوال
فالك يا يوسف يا واد رضيه )
وألقت بالفصى فتناثر على الأرض وأخذت تنظر في صمت والنسوة من حولها يلاحقنها بنظراتهن وبدأت في فحص بعض الفصى ثم تعيده إلى مكانه واستمر الأمر سبع مرات والنسوة صامتات من حولها لكن وجه ( نفيسة رزق ) لم يكن يحمل أي بشارة . كانت تظل فترة طويلة مابين إلقاء الفصى وبين جمعه فتسند وجهها بكفها وترفع خزامها المتدلي من الأنف

( 72 )







وأخيرا توقفت ولم تقل شيئا والخوف يلاحق النسوة اللائي على الأرجح عرفن ما ستقوله ( نفيسة ) إذا سألنها فاكتفين بالتنهيدات ومصمصت الشفاة .. وبالرغم من ذلك لم يخرجن من بيت ( نفيسة ) إلا بعد أن قامت بالضمر لكل منهن واحدة تلو الأخرى كل حسب ما تعاني ..









( 73 )






كعادته تخرج البلدة من رحم الليل مشبعة برائحة الصمت المتراكمة حتى تبدو أشجار النخيل قد نحتت





















( 75 )














( 9 )
كعادتها تخرج البلدة من رحم الليل مشبعة برائحة الصمت المتراكمة حتى تبدو أشجار النخيل قد نحتت وأن البيوت قد هجرت وأن العصافير المستقرة في أعشاشها قد ملت الزقزقات فاستكانت هي الأخرى حتى رحلة الحمير اليومية إلى الغيطان لا تخطئ جرتها . كل شيء يبدو متشابها مع ماسبق حتى الأيام والأسابيع والشهور والأعوام تمضي هي الأخرى في رحلة صامتة بطيئة هنا الوقت متسع لاحدود له فالليل طويل والنهار أطول والزمان ليس في عجلة من أمره الوقت هنا لا يشبه أي مكان أخر اما في الاحداث الجسام التي تشغل الناس في حينها سرعان ما تتلاشى تاركة ذكريات قد تحفر في ذاكرة البعض قد يقتل داخل جدران صدره أو سرعان ما تصبح الأحداث الجسام عادية جدا وتعود الحياة داخل الواحة كما كانت مثلما عادت ( أم كمال ) من رحلة سفر ظلت شهورا في بلاد الريف عند شقيقها والغريب هو عدم عودة إبنها ( كمال ) وتبعا لمصادرنا لم يستقر رأي واحد مؤكد عن سبب عدم عودته ولم يؤكد أي من المصادر نسبته إلى
( أم كمال) وهو مايؤكد أن هذه الرأة كانت قوية وربما


( 77 )










خشي الناس مجرد سؤالها عن أسباب غياب إبنها بل ظلت تمارس حياتها العادية وحيدة وإن كانت بعض الآراء تجنح مثلما جاء نا عن رواية ( لهاشم عطا الله ) الذي كان مفادها أن أم ( كمال ) أسلمت إبنها إلى مستشفى المجانين وكان رأيه مستندا إلى سببين . أولهما , رباطة جأش ( أم كمال ) وقوة عزيمتها وممارستها لحياتها بشكل عادي جدا وهو مالم يكن يحدث في حال كون ولدها الوحيد قد قتل في حادث أو فارق الحياة لأي سبب . أما السبب الآخر من وجهة نظره فهو تعدد سفر ( أم كمال ) بين فترة وأخرى مدعية السفر إلى شقيقها بالريف .
بينما دحض هذا الرأي البعض وخاصة ( ابراهيم ولي ) الذي أكد أن شقيق ( أم كمال ) مات منذ سنوات ولم يخلفه إلا ولد ( صايع ) حسب تعبيره باع عربة الفول التي كان يسترزق منها والده قبل موته ..
( وعند هذا الحد فإن رأي ( ولي ) وجد تجاوبا كبيرا لأنه كان مهاجرا من قبل في بلاد الريف وإن اختلف معه أغلب أهالي الواحة حين ذكر مكملا روايته و مؤكدا )

( 78 )








أن ( أم كمال ) كانت في أسفارها تقيم في أحد مساجد أولياء الله الصالحين لتعمل بالشحاذة هي وولدها وأفاض ذاكرا . ربما أسلمت ولدها إلى أحد المتسولين نظير مبلغا من المال .
( ولعلي لا أميل إلى رأي ( ابراهيم ولي ) تبعا لما تواتر عن شخصية ( أم كمال ) أو حتى شخصية إبنها الذي أكدت جميع المصادر أنه لم يمد يده يوما طالبا أي شيئ وإن كان يقبل من البعض مايقدمونه إليه طواعية . أما والدته فهي المرأة التي عاشت على حد الكفاف راضية بالقليل مما يأتيها من ميراث زوجها بالإضافة إلى ماتقوم بصنعه من علايق ومقاطف وملاقين أو حتى صنع الحصير وهي صنعة اشتهرت بها كثير من نساء الواحة
( وللحقيقة لم يشغل غياب ( كمال ) او إختفائه أهل الواحة بالقدر الذي شغلهم به ( يوسف أحمد فريح ) وربما كان التفسير يعود لانشغال الأهالي ببعض الأحداث الأخرى التي مرت بالبلدة والقريبة في الوقت ذاته من حدث إختفاء ( كمال ) وأهم هذه الأحداث ..
حين عاد أحد غلمان عائلة ( المرقوم ) مرتعدا إلى البيت بعد أن ترك ( عامود الصفايح)وصفيحتي

(79 )








الماء بعد أن كان متوجها إلى العين لاحضار الماء قبل شروق الشمس إذ سمع صوت بكاء طفل حديث الولادة ملقى على الأرض ففز الغلام هاربا وأخبر أهله بالواقعة الذين أدركوا إن المولود المشار إليه هو ( فرخ حرام ) أي طفل لقيط وهو مادعى
( رجب المرقوم ) عم الغلام لاصطحابه متوجا إلى بيت العمدة لاخطاره بالواقعة التي شغلت الأهالي فترة من الوقت وتنازعتهم الهواجس عمن هي صاحبة
( الفرخ الحرام ) وراحت الظنون والشكوك والريبة تحيط بأكثر من بيت وإن أكد أحد مصادرنا ومن خلال مذكرات شخصية ذكر في إحدى الصفحات أن فرخ الحرام الذي وجد بجوار العين ينسب إلى
( صبيحة مخلوف )وذكر المصدر أيضا وفي شجاعة محسودة أن ( صبيحة ) كانت تخدم لدى أحد أقارب زوجة العمدة وإسمه ( عبد الحميد ) وبالبحث توصلنا إلى أن كلا الإسمين صحيح وإن عبد الحميد كان شاب
( فلاتي ) حسب ما جاء في المذكرات وذكر أيضا وكان غريب الملابس غير أن المصدر أكد أن
( عبد الحميد ) لم يمكث طويلا بالواحة وغادرها إلى أوربا بعد وفاة والده بأشهر قليلة وقيل انه سافر الي أروبا ولم يعد منها إلا في إحدى السنين وقبل أن تتوفى والدته

(80 )








وقد حضرت معه زوجنه الأجنبية ثم غادر دون رجعة
.. أما( الفرخ الحرام ) الذي وجد بجوار العين فقد ترك مكانه حتى حضر العمدة بعد عدة ساعات وأمر أحد رجاله أن يحمله ولم يكمل ( الفرخ ) الليلة فحمله رجال العمدة وقاموا بدفنه . وكانت
( نفيسة رزق ) قد رفضت أن تتبنا الفرخ حسب ما ذكر عن رواية ( شعبان مصطفى ) الخفير الخصوصي لشيخ البلدة ( سليم عزاز ) وهو الأمر الذي جدد نبذها من قبل البعض وإصرارهم على بقائها ( وزغة ) يجب على الجميع مقاطعتها حيث إعتبرها البعض مشاركة في الجريمة ولم لا وهي الداية التي لديها الخبر اليقين ... وفي وقت يكاد يكون متقاربا مع هذه الحداثة وقعت معركة ( الديك ) والتي على أثرها أصدر العمدة أوامره بأن يربط أي توأم عند نومه أما أسباب المعركة التي وقعت بين
( شعب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mehasab.rigala.net
 
رواية الوزغة جزء 2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأديب ناصر محسب :: روايات-
انتقل الى: