منتدى الأديب ناصر محسب
أهلاً بك زائرنا الكريم تسعدنا زيارتك * ندعوك للتسجيل معنا
منتدى الأديب ناصر محسب
أهلاً بك زائرنا الكريم تسعدنا زيارتك * ندعوك للتسجيل معنا
منتدى الأديب ناصر محسب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى أدبى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رواية الوزغة جزء 1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 03/02/2012

رواية الوزغة جزء 1 Empty
مُساهمةموضوع: رواية الوزغة جزء 1   رواية الوزغة جزء 1 I_icon_minitimeالخميس مارس 01, 2012 8:59 pm







رواية : ناصر محسب











( 1 )










إقليم وسط وجنوب الصعيد
هيئة التحرير




اسم العمل الوزغة
المؤلف / ناصر محسب
رقم الايداع
















إهداء

إلى/ زهرتي الصغيرتين
منة الله وميار
وإلى / نفيسة رزق وأحمد فريح
ناصر محسب











يتدلى من جانبه الأيمن (منجل) مسنون مثل أنياب الشيطان











( 7 )








( 1 )
في خوف التصقت بيوت البلدة ببعضها وتشابكت حتى حين شق هواجسها هذا الدرب الطويل المتعرج سرعان ما مدت السقائف أزرعها وتشابكت وضمت جانبيه فلم تستطع اشعة الشمس أن تفض ظلالها الراكدة فجلست بعض النسوة يقمن بتضفير السعف والليف لعمل ( العلايق والملاقين والمقاطف ) حتى إذا اقترب موعد آذان الظهر كان عليهن إخلاء الدرب لمرور حمار ( أحمد فريح ) صاحب ( الكير ) الواقع في نهاية الدرب وذلك لضيق الدرب خاصة في الجزء الواقع تحت ظلال السقيفة مما يجعل مرور الحمار محفوفا بالمخاطر أقلها احتكاك القفتين القابعتين على ظهرالحمار بحائطي الدرب والتي غالبا ما تتركان آثارهما على شكل خطوط وخربشات على الحائطين الأمر الذي يغضب ( فريح ) ليس حزنا على حوائط الجيران ولكن لغباء حماره المستحكم (على حد قوله ) والذي يعجل بتمزق القفتين وربما أسفر مرور الحمار عن بعض الخسائر أيضا كالتقاط الحمار لحزمة من السعف المخصص( للعلايق والملاقين والمقاطف ) أو قلب الإناء الذي وضع فيه الماء والمعد لبلل السعف والليف فيصيح ( فريح )
ها يا منجوه جاتك جتره تاخدك فترد ( نفيسة رزق )

( 9 )








أنت وصاحبك إن شاء الله
وبالطبع لا يسمعها ( فريح ) الذي يمضي وراء حماره
ويستمر الحوار بين النسوة فتعدد امرأة ممتلئة الجسد بعد أن تسلم أردافها العالية للأرض مسالب الكور وصاحبه وأن الرسول أوصى بعدم مصاحبة
( أحمد فريح ) وأي صاحب كير
فترد امرأة ممصوصة الوجه تمسك ببعض السعف بأسنانها وتفتل بيديها حبلا من الليف بعد أن تربط مقدمة الحبل بالإصبع الأكبر من إحدى قدميها
اصبر على جار السو يا يرحل يا تيجي له مصيبة
بينما تتعاطف امرأة وحيدة متسائلة عمن سيقوم بسن المناجل وتصنيع الفؤوس في حال إصابة
( أحمد فريح ) ؟ فتمصمص ( نفيسة رزق )ووتزوم بوجهها متجاهلة كلام المرأة وتبعثر بعض الحروف التي لم تتضح معالمها إلا حين رفعت كفيها وأخذت تسأل الله في غيظيعني لا نار قادرة تشب فيه ؟ ولا إصبع يتهرس ؟ ولا دخان يعميه ؟
كان دعاء ( نفيسة رزق ) قد استمر أكثر من عشرين عاما لم ينقطع ولا انقطع مرور
( احمد فريح والحمار)
(10)








(ولم نعرف بعد سر العداء بين ( نفيسة رزق وأحمد فريح ) والذي يبدأ يومه عادة بعد صلاة الفجر وبعد وجبة شهية من ( الأرز الخضار) والتي تصنع من الأرز وأوراق اللفت أو البرسيم الخضراء ثم يعقبها بكوب من الشاي أعد في إناء لم يعرف له لون بعد أن استعمره هباب (الكانون) ثم يبدأ في ربط حزاما عسكريا قديما ( جايش) حول الجلباب يتدلى من جانبه الأيمن (منجل) مسنون مثل أنياب الشيطان كما يردد ( فريح ) دائما والذي تفنن في صناعته ولم تتوقف استخداماته عند حش البرسيم وتقليم النخيل من الكرناف والجريد ولكن تعداها إلى تقطيع
( البطيخ النمس والكباد، النارنج ) ولا مانع إذا استدعى الأمر فج الحمار به وقد فعلها ( فريح ) ولم يستطع تراب الفرن أن يخفي تهور ( فريح ) على حماره ولم ينس الحمار فعلة صاحبه إذ الأمر لم يكن يستدعى تصرف وحماقة (فريح) ..فالحمار كان يحمل حملا ثقيلا بشهادة (فريح) نفسه مكون من عراجين البلح وبعض الحطب وكان هناك جدول ماء عطن يفصل الطريق وقد (حرن) الحمار وحسب رواية ( أحمد فريح ) رأسه وألف سيف يرجع
وقد أكد أن الحمار شاهد صورته على صفحة الماء الراكد في الجدول .. وربما كانت المرة الأولى التي يرى فيها الحمار نفسه إذ أنه اعتاد أن يشرب دائما من جداول تجري فيها المياه مما يعب معه قيام المياه بدور المرآة ولم تفلح
( 11 )








محاولات ( فريح ) في دفع الحمار للتخلي عن رغبته في عدم المرور من هذا الطريق كما أن
( فريح ) لم ينزل على رغبة الحمار في أن يسلكا طريقا آخر لعله كان أقرب من طريق الجدول العطن فما كان من ( فريح ) إلا أن طعنه بالمنجل فقفز الحمار ثائرا وألقى( بالقفتين) أرضا وسال دمه ولم يتوقف إلا أن وضع ( فريح ) تراب الفرن على الجرح ولكن ظلت أثاره باقية .. ( ولعل هذه الحادثة كانت بداية لمعاهدة غير موثقة بالطبع بين ( فريح ) والحمار بمقتضاها أدرك الحمار طبائع صاحبه وتريث الصاحب قبل اتخاذ أي قرار خاص بالحمار حتى وصل الأمر ( بأحمد فريح )إلى حمل الحمار حين عجز عن تخطي جدولا آخر وكان الحمار على حق حسب شهادة ( فريح ) نفسه ولا يهم ذكر وقائع الحادثة التي لم يعد يتذكرها ( أحمد فريح ) أو الحمار الذي كان عليه إطاعة الأوامر المعتادة حتى انه كثيرا ما شوهد الحمار يمضي سابقا صاحبه الذي يتعطل في طريقه في حوار مع أحد أهالي البلدة ولأن الحوار لا يخص الحمار بالطبع فهو يمضي في طريقه الى البيت منتظرا وصول صاحبه )

( 12 )









كانت الظلمة ما تزال تبسط سيطرتها على الدرب فتصحو العفاريت والأغوال وأبو رجل مسلوخة والقطط التي بدون ذيل









( 13 )









(2)
لم تكن نفيسة رزق من سكان الدرب الواقع في نهايته كير ( أحمد فريح )وكانت جلستها شبه معتادة خاصة في أوقات الضحى وإن كانت نادرا ما تدخل أي من هذه البيوت اللهم في حالات المرض الذي قلما يصيب أهالي البلدة عموما أو عند وقوع مصائب أوفي أفراحهم القليلة فكانت تأتي بجلبابها الأسود القصير قليلا بفعل الزمن فتبدو عراقيب أقدامها الحادة بالرغم من وجود حجلان من الفضة يطوقان قدميها بينما تتدلى طرحة سوداء من على رأسها إلى تمزقت أوصالها تكاد تلامس الأرض ولم تستطع الطرحة أن تخفي كتلة من شعرها المصبوغ بالحناء تشبه إلى حد بعيد الليف المستخرج من النخيل ..بينما تركت الأزمنة آثارها العديدة على الوجه المتجعد فبرزت سنتان طويلتان تشبهان جرافة الفرن( على حد وصف سليم عزاز شيخ البلدة ) وهي جريدة نخيل طويلة


( 15 )








تستخدمها النساء في استخراج الخبز منالفرن بينما يتدلى من أنفها ( خزام ذهبي ) زين ببعض الأحجار الكريمة لذا سماها أهالي البلدة ( أم خزام ) وكثيرا ما تذكر ( نفيسة ) في جلسات الضحى الأغنية الشهيرة التي ترددها البلدة منذ أزمان
يا بت داري خزامك خلي خلك ينام
ولا أداري خزامي ولا أخليه ينام
قد تمت صياغتها هياما بجمالها الذي أطفأته السنون فلم يبق منه شيء.......( ولم نتمكن من التأكيد أو النفي لأقوال نفيسة رزق في شأن الأغنية ) ... ولكن مانعرفه أن ( نفيسة رزق ) كانت (وزغة ) لايتعامل معها الكثير من أهل الواحة لسنوات عديدة .
وقد اختلف الرواة في تحديد سن أو عمر ( لنفيسة رزق )



( 16 )





فقد ذكر( إبراهيم سند ) وهو أحد كبار البلدة
إنه وعند ما جاء حريق( غيط الجو) الأول والذي أكلت فيه النيران ما يربو على خمسمائة نخلة
_ كانت نفيسة رزق عروسا على وش جواز
ولأن حريق( الجو) لم يعد يذكره أحد من أهالي البلدة فلم يعد لتأريخ ( إبراهيم سند ) قيمة أو أهمية .. بينما أصر شيخ البلدة (سليم عزاز ) أن ( نفيسة رزق ) تكبره بحوالي سنتين أو ثلاث سنوات وهو كما يذكر كانت تشاركهم اللعب وتبيع لهم ( الزلابية ) في مواسم( الدميرة) وهي مواسم جني النخيل في البلدة وكانت( نفيسة ) تبيع ( الزلابية ) الواحدة مقابل خمس كارات من البلح ( والكارة أربع بلحات ) وقد سأل أحد الحاضرين ( سليم عزاز )
هل اشتريت (زلابية) من( نفيسة ) يا
( شيخ سليم )؟
فرد في غيظ
قطعت ( نفيسة ) وقطعت ( الزلابية )


( 17 )








ويتنهد وابتسامة تحلق في عينيه قائلا
_ أنا كان مالي ومال ( الزلابية ) أنا شايل الدميرة (يقصد البلح ) في العلاقة ومروح في أمان الله ودي ( نفيسة رزق ) حاطة الزلابية في الحلة وتنادي على الزلابية صعبت عليه قلت في نفسي غلبانه أشتري منها زلابية واحدة أو اثنين ... الغرض زلابية في زلابية لقيت العلاقة فاضيه
ويسأله أحد الحاضرين
_ أكلت حلة الزلابية يا شيخ سليم ؟
فيضحك قائلا
_ أصلها كانت حلوة
فيعاجله آخر
_ ( نفيسة) ولا الزلابية ؟
فيضحك الجميع ثم يسأله أحدهم
_ أنت سنك كام يا شيخ سليم ؟
( 18 )







فتتراكم السنوات في ذاكرته ويحاول جاهدا أن يحصيها فلا يستطيع فتطفو على وجهه أطياف من الحزن بينما تتسرب بعض حبات العرق الساخنة على جبهته فيرفع طربوشه المبلل ويخرج منديله ليزيح هموم زمن ثقيل مازالت تحمله عائلة (عزاز) منذ ما يربو على أربعين سنة لم تستطع هذه السنوات أن توقف شجرة الكره التي امتدت جذورها من جميع عائلة (عزاز) إلى ( نفيسة رزق ) من وجهة نظر عائلة ( عزاز) أن ( نفيسة رزق) كانت هي السبب الرئيسي في مقتل وتتلخص ( خلف عزاز) عم (سليم عزاز) شيخ البلدة الحالي على أيدي السنوسيين .. (ضربا من الهلاك ) وقد شاع في البلدة ( وهذا ليس كلام الراوي ) أن وجه ( نفيسة رزق ) يقطع الخميرة من(ضربا من الهلاك ) وقد شاع في البلدة ( وهذا ليس كلام الراوي ) أن وجه ( نفيسة رزق ) يقطع الخميرة من الماجور (وهو مثل شعبي يدل على شؤم صاحبه) واعتبرت منذ ذلك التاريخ ( الوزغة ) التي يجب مقاطعتها وهو لفظ استخدم لكل من يتم مخاصمته ويصبح وحيدا مشبها ( بالوزغة ) التي بالبحث وردت الوزغ دويبة والوزغ سوام أبرص وإن كان للراوي الحق في التدخل فإن ( نفيسة رزق) هي


( 19 )








الخاسر الوحيد من مقتل ( خلف عزاز) وإن اعتبر هذا تحيزا في نظر عائلة ( عزاز ) فقد القصة حملت المأساة وحدها لتظل تطاردها لتبقى وحيدة واقفة كأشجار الدوم لاتنحني أمام مصائب الدهر وتعود وقائع المشكلة إلى أحد أيام البلدة المتشابهة منذ ما يقرب من أربعين عاما كعادتها حملت ( نفيسة رزق) جرتها (وعلى الأرجح لم تكن جرة إنما كان مطرا ويسمى في بلاد الصعيد بلاصا ) ومضت مع بعض البنات من أقرانها لملأ الجرار من إحدى عيون الماء وفي هذه الأثناء كان ( خلف عزاز ) شابا مفتول العضلات كما يروى عنه يحمل صفيحتين من صفائح السمن الفارغة بعد دق خشبتين في كل صفيحة خشبة تتوسطها ويقوم بربط حبل في كل منهما ليتم تعليق الحبل في مقدمة عامود خشبي يحمله على كتفه .. وكان عليه أن يؤدي مهمة حمل الماء إلى بيته بما لا يقل عن خمس مرات تزيد في أيام الخبيز أو الغسيل وفي هذا اليوم كانت ( نفيسة رزق ) قد قامت بمساعدة زميلاتها برفع الجرار على رؤوسهن ووقفن في انتظار أول قادم للعين ليرفع المطر
( البلاص) ( لنفيسة ) وكان ( خلف عزاز ) قد حضر فألقى بصفيحتيه وأسند عاموده الخشبي بعيدا عن

( 20 )










الماء وقام برفع المطر على رأسها كما فعل ذلك
لأغلب بنات البلدة اللائي يقمن بملأ جرارهن من العين وربما فعل الشيء نفسه مع ( نفيسة ) نفسها مرات عديدة ولم يلتفت لها من قبل لكن ابتسامة من شفتيها التين أطبقتا على جانبي الطرحة وتسربت إلى عينيها لتوقد جحيما محموما في جوانح (خلف ) لحظتها كاد ( المطر ) أن ينفلت من بين يديه وهو ما جعل بعض قطرات الماء تتساقط على وجه (نفيسة ) فخرجت شهقة منها شقت السكون فوقف مرتجفا استعصى عليه الكلام كتلميذ خائب في لحظة الامتحان واستسلمت أهدابه لخجل لم يفض إلا حين تباعدت خطاها مع زميلاتها وهن يغادرن موقع العين وقف وعيناه تشيعانها من بعيد وجلس بعدها على حافة الجدول وألقى بقدميه في الماء مستكينا هادئا يسائل نفسه عن سبب ارتباكه وطلق أحلاما حبيسة مع كل خطوة قدم تقترب من العين لعلها تكون ( لنفيسة ) حتى هبط الليل من حوله مستسلما لصوت تدفق الماء وزقزقات العصافير فرحة بالعودة إلى صغارها وان كان ( خلف ) قد وأد هذه الفرحة في أوقات كثيرة

( 21 )





حين كان طفلا يهوى تسلق الأشجار وسرقة بيض العصافير من أعشاشها .. ورغم ولعه الشديد ورغبته الجامحة في رؤية ( نفيسة رزق ) إلا إنه اكتفى في
المرات القليلة التي شاهدها فيها مكتفيا بالنظر إليها من بعيد يخشى الاقتراب منها ومحاولة استراق السمع لصوتها الجميل حين كان يلبد خلف أحد سياجات الجريد منتظرا مرورها مع زميلاتها في رحلة العودة وهن يحملن جرارهن تقودهم نفيسة وهي تغني والبنات يرددن
_ ياما دلا لوكي ... يا ورده
في السوق وباع وكي يا ورده
باع وكي بكام يا ورده
بجوزين حمام يا ورده
(ورد من أحد مصادرنا أن ما أوردته من الرواة الآخرين حول جمال صوت نفيسة رزق غير صحيح



( 22 )









وأنه محض افتراء لذا لزم التنويه )
ولم تطل قصة الحب الصامتة إذ سرعان ما انتشر الخبر بين أهالي البلدة الأمر الذي جعل ( رزق سليم
بكر )والد (نفيسة ) يقوم ( بحّجرها ) وهو ما يعني عدم خروجها من منزل والدها إلا عند زواجها .. وقد انقطع ( خلف ) عن كل عمل حتى أعمال الفلاحة خاصة مع رفض والده المطلق لفكرة ارتباط الابن ببنت ضارب الطوب ( رزق سليم بكر ) بالرغم من أن جميع حوائط البلدة التي قام ببنائها تشهد له بحسن خلقه وأمانته وغيرها من فضائل الرجال لكن هذه الحسنات ما كانت لتشفع له أو تثقل موازينه في حال كانت الكفة المقابلة للميزان تحمل الفقر والعائلة البسيطة والعمل المتواضع من ضرب الطوب وإخراج الخرابش (حمل وإزالة فضلات الآدميين ) فاستنكرته مجالسهم ونبذته أفراحهم وظل وحيدا ملوثا يحمل فضلاتهم ولا يحملون له أفضالا حتى البيت الذي يسكنه حصل عليه بعد أن كان مجرد حوش أو حظيرة للبهائم من ( أحمد المرقوم ) أحد أثرياء البلدة الذي استعمره في العمل أكثر من سبعين يوما في أعمال ضرب الطوب والبناء .. لكن حادثة شهيرة جعلت
( رزق سليم بكر ) يقفز على عتبة التاريخ في البلدة

( 23 )









هو وابنته حين وقع اختيار عمدة البلدة على (خلف عزاز ) ليقوم بمهمة وطنية كما أشيع وقتها وهي أن جيوش السنوسيين قد تسللوا من ليبيا إلى واحة
( الداخلة ) للاستيلاء على ممتلكات الأهالي هناك وإنهم في طريقهم للاستيلاء على واحة ( الخارجة ) أيضا وهو ما جعل أهالي البلدة يصابون بالهلع وقد أخليت جميع الدواوين الحكومية من موظفيها وبدأت بعض الدوريات الإنجليزية تتابع في قلق تطورات استيلاء السنوسيين على ( واحة الداخلة ) برغم المسافة الشاسعة بين الواحتين والتي كانت السيارات تقطعها في نهار كامل إلا أن الخوف والارتباك أصاب الإنجليز الذين كانوا يستعمرون القطر المصري كافة فانتقل الخوف إلى قلوب الأهالي في ( الخارجة ) فأوصد الأهالي أبواب منازلهم ومنعت النساء والأولاد من الخروج نهائيا وتأجلت الأفراح حتى الجنائز اكتفى الناس بدفن موتاهم وعدم تلقي أي عزاء في الشوارع أو الحارات ( وتشير المصادر أن عدد الأموات في هذه الفترة بلغت أربعة أموات كلهن من العجائز ) كما أفتى شيخ المسجد ومأذون البلدة


(24 )









الشيخ ( عبد الكريم الخزامي )بعدم خروج الرجال لصلاة الفجر باعتبار أن خروجهم فيه هلاك لهم وكان على ( خلف ) أن يقوم بدور بطولي يسجل له في تاريخ الواحة من خلال سفره إلى واحة
( الداخلة ) ليتقمص دور تاجر أقمشة ( وقد اختلف بعض الرواة في الدور الذي تقمصه ( خلف ) كتاجر أقمشة أو تاجر عطور وهو اختلاف لا نراه جوهريا وليس له أي تأثير في مجريات أحداث القصة ) ... وكان الهدف من السفر والرحلة استطلاع أحوال الناس هناك ورسم صورة عن حجم قوات السنوسيين المتواجدة وعتادهم العسكري .. في البداية لم يمانع ( خلف ) في تقمص الدور لكن شرطه الوحيد كان خطبة ( نفيسة رزق ) .. يومها ضحك العمدة ضحكة زلزلت أرجاء ( المندرة ) فانتفض ( خلف ) مذعورا وهم واقفا في حضور ثلاثة من الضباط الإنجليز لكن العمدة أمره بالجلوس وهو يسأل
_ ( بنت سليم رزق ) ؟
قالها مستهزأ فدمعت عينا ( خلف ) فأشار العمدة آمرا بطلب حضور ( سليم رزق ) على الفور .. كانت المرة الأولى التي يخطو فيها ( رزق ) إلى بيت

(25 )






العمدة خاصة المندرة مجلس أعيان البلدة ..
( وليست لدينا أي مصادر تفيد عما جرى
( لرزق سليم بكر ) عندما أخبر عن طريق الخفير باستدعائه إلى بيت العمدة ولعله أصيب بالإغماء وسقط مغشيا عليه أو ربما ودعته زوجته وابنته بالبكاء على اعتبار ما كان سائدا بين الأهالي في ذلك الوقت من قول شعبي ,, مفيش شيء يجي من الغرب يسر القلب ؛؛ وكان العمدة يسكن فعلا غرب البلدة ) .. لكن أغرب ما في القصة أن ( رزق سليم بكر ) حين أخبره العمدة أن ابنته خلاص خطبت إلى
( خلف ) لم يجب ( وفي رواية أخرى أنه رفض أو اعترض وهو مادعى العمدة إلى الثورة وهب واقفا وتناول كرباجه السوداني الأسود المشهور المدهون بزيت الزيتون عازما ضرب ( رزق سليم بكر ) .. وقيل أن ( خلف عزاز ) اعترض طريق العمدة أو منعه ) .. كل هذا ( رزق ) واقفا صامتا أو صامدا ومت لحظات من الصمت الثقيل والعمدة يقلب كفيه مستغربا وجلس متسائلا في سخرية
_ ( رزق سليم بكر ) يرفض ( خلف عزاز ) ؟
لكن ( رزق ) كان أشد ذهولا من العمدة وتساءل


(26 )








باستغراب وبكلمة واحدة _ أنا ....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
خلاصة القول أن ( رزق سليم بكر ) لم يكن رافضا على الإطلاق خطبة ابنته من (خلف عزاز ) ولكن كان طلبه أن يحضر (خلف ) وأهله إلى بيت العروس تكبيرا به واحتفاء بهم وهو ما قبله خلف واستسلمت له عائلته وقرأت الفاتحة في منزل (رزق ) وأغلب الظن أن نزول عائلة ( عزاز ) على رغبة ابنهم كان له ثمنا سدده الإنجليز والعمدة بتعيين ( محمود عزاز ) شيخا للبلدة .. وكان على ( خلف عزاز ) قبل المغادرة أن يحمل بعض الوصايا الهامة من الإنجليز عن طريق العمدة والتي لم يتم الإفصاح عنها وربما لم تخرج الوصايا عن أمور السفر أو تلقينه الدور الذي سيلعبه عند وصوله إلى واحة الداخلة وقد أفصح ( أحمد فريح ) بعد الواقعة بسنوات عديدة بأنه قام بصنع خنجرين لكل من ( خلف عزاز ) وزميله في الرحلة ( محمد إسماعيل عمر ) الذي رافقه في الرحلة ( بالرغم من الجهود التي بذلت فلم نتمكن من معرفة أخبار عمن هو رفيق ( خلف عزاز ) في الرحلة بالرغم من ذكر الاسم حتى في المحررات الرسمية ) وقد ذكر( فريح ) أن العمدة استجاب لرغبته بأن يتم تصنيع الخنجرين مختلفين كل منهما


(27 )









عن الآخر حتى لا يثيرا الشكوك .. أما كيف سافر
( خلف ) وزميله ؟ وكيف قتلا على أيدي السنوسين ؟ وهل شنقا ؟ فقد بترت هذه الأحداث من سياق الرواية ربما لبعد المسافة بين الواحتين وربما احتراما لدم القتيلين ( أقصد الشهيدين ) خاصة أن هناك أحداث سجلت وثبت صحتها فيما بعد مفادها أن السنوسيين لم يحتلوا واحة الداخلة ولا سلبوا ولا نهبوا وأن هدفهم من دخول الواحات كان هدفا نبيلا وهو محاربة الإنجليز وما يؤكد صدق هذه الرواية أن السنوسيين لم يرتكبوا أي جرم في حق الأهالي باستثناء واقعة (خلف عزاز وزميله محمد إسماعيل عمر ) وقد اعتبرا في نظر السنوسيين من الجواسيس وكان الشيخ ( عبد الكريم الخزامي ) شيخ المسجد والمأذون عن الإجابة على سؤال حول المساواة بين الإنجليز السنوسيين إذ أن كلا منهما محتلا .. علما وحسب المصادر المؤكدة قاموا بفتح الكتاتيب وتعليم الأهالي القراءة والكتابة كما أن كثيرا من أبناء (الداخلة ) يطلقون اسم سنوسي على العديد من أولادهم وهو مايجحض الادعاء بأن السنوسيين أتوا إلى الواحات كمحتلين اللهم إلا إذا كان أهل الواحات يخلدون المحتلين وهو مالم يثبت بعد

( 28 )







ولم تستطع الطرحة أن تخفي كتلة من شعرها المصبوغ بالحناء تشبه إلى حد بعيد الليف المستخرج من النخيل














( 29 )






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mehasab.rigala.net
 
رواية الوزغة جزء 1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأديب ناصر محسب :: روايات-
انتقل الى: